الطريقة السليمة للتعامل مع الطفل العنيد

الطريقة السليمة للتعامل مع الطفل العنيد

الأمومة شعور جميل تحب أن تناله كل امرأة بعد الزواج مباشرة، فلا تحرم سيدة من هذا الشعور إلا وشكل ذلك خللا في حياتها هي وشريكها، مهما توفرت ظروف العيش الكريم والحياة الهانئة لا يمكن الحديث عن السعادة ما لم يتواجد طفل جميل يملأ البيت مرحا وسرورا..

هذه حقيقة لا يمكن إغفالها وبشهادة كل الناس، وعندما تحمل المرأة بطفلها الأول تصبح كلها شوق ورغبة في التعرف على هذا الملاك الصغير القادم  وتلمس أطرافه الصغيرة وتلاعبه وتداعبه... وكذلك يحدث يأتي هذا الصغير ويملأ البيت فرحا وسرورا ويصبح من أولويات الوالدين إذ يسهران على تأمين الرعاية له والعناية به وتلبية كل متطلباته، هذا الفرح وهذا الهناء وهذا الملاك الصغير سرعان ما يكبر قليلا ويرغب بإثبات ذاته وفرض استقلاليته الأمر الذي يخرجه عن وداعته ويسبب للوالدين تعبا فالملائكية في الطفل تتحول إلى شقاوة وعناد هذا الأخير الذي يؤرق الأمهات كثيرا فتجد بعضهن يقضين يومهن في الصراخ والعويل والطفل كلما زاد صراخ أمه عليه إلا وزاد تمردا، فالأم ترى أن تكسر شوكة هذا الطفل حتى لا تسول له نفسه أن يجعل كلمته العليا وكلمتها السفلى، فكلما أصر على شيء إلا وخالفته حتى لا يتعود على فرض كلمته... 

يعتبر العناد من أكثر المشاكل التي تشتكي منها الأمهات فما هو العناد يا ترى؟ 

بعد استقراء لمجموعة من آراء المتخصصين في علم النفس لخصت لك سيدتي الكريمة ما توصلت إليه حول قضية العناد في هذه الأسطر...

 يقول متخصصو علم النفس بأن العناد ما هو إلا مرحلة عمرية يمر بها الإنسان وليس سلوكا، ومعنى ذلك أن العناد أمر طبيعي جدا ولا بد للطفل أن يمر به، ففي بداية حياة الإنسان لا تكون لديه أنى وتكون أمه هي أناه وهي كل شيء أما حين يكبر فيبلغ عمر السنتين فأكثر أو أقل بقليل فهنا يحتاج الطفل أن يفرض ذاته ويحصل على استقلاليته، واللغة التي يستعملها للحصول على هذه الإستقلالية هي لغة العناد

فالعناد ليس سيئا كما تراه الأمهات إذ له وظائف إيجابية فبه يتعلم الولد كيف يستقل ويعتمد على ذاته، ومن هنا فالعناد أمر طبيعي جدا بل أكثر من ذلك فهو ضرورة لمعرفة أن الطفل ينمو بشكل طبيعي وسليم، فلو أن هذا الطفل بلغ السنتين ولم يعاند فيجب على الوالدين استشارة الطبيب فيه...

لكن في بعض الاحيان يخرج العناد عن طبيعته إذا كانت الأم تعاند أيضا وإذا عاندت الام ولم تسمح للولد أن يحصل على استقلاليته بلغة العناد فيبقى أمامه خيارين:

الأول : هو الخضوع والاستسلام للأم فيسمع ويطيع ويستمتع بالحياة الهادئة التي فيها اعتماد كلي على الأم وهذا هو ضعف الشخصية إذ يصبح في المستقبل إنسانا غير مبادر وغير قادر على اتخاذ قراراته بنفسه وتقوده الأحداث ولا يقودها وتصنعه الأحداث ولا يصنعها... فهل تقبلين بهكذا أمر على طفلك؟!

الثاني : الولد يعاند ويستمر في العناد، فإن لم يفهم بالشكل السليم فقد يتطور هذا العناد ويتحول إلى حالة التمرد ..

لذا وجب على الآباء إعطاء الحرية للأبناء حتى يمارسوها بشكل صحيح فإن هم حرموهم منها مارسوها في الغلط ..

دور الوالدين هو التعليم وتأمين الحماية فنحن نبين له الخطأ ونأمن له الحماية حتى لا يتأذى بإبعاد كل ما من شأنه أن يصيبه بأذى كبير ثم نتركه ليستكشف بنفسه ...

وعلى الآباء التحلي بالصبر فالأبناء فلذات الأكباد ويستحقون أن نصبر عليهم حتى يتم نموهم بشكل سليم.. فعندما يتمسك الطفل برأيه لا نعانده ونسقط كلمته بل:

1- نحاوره ونسأله عن الهدف الذي يريد الوصول إليه من وراء هذا العناد 

2- نسمع منه رأيه في الطريقة التي يراها مناسبة للوصول إلى هذا الهدف المنشود

3- نوضح له الخطأ الذي سيقع فيه والأذى الذي سيصيبه إن هو سلك المسلك الذي اختاره لنفسه

4- نبين له رأينا في الأمر وننصحه بالطريق الآمن الذي يوصله إلى هدفه

فإن أبى الأخذ برأينا تركناه يقع في الخطأ فيتعلم من خطإه لاحقا ويدرك مغزى نصيحة والديه ..

فعلى سبيل المثال لو تحاورنا مع الطفل الصغير في رغبته بأن يلمس مثلا إبريق شاي وكان ساخنا قليلا نوضح له أن الأمر سيأذيه وننصحه بعدم لمسه فإن هو أصر على ذلك لا بأس من تركه يلمسه فيشعر بالألم ويدرك ما أقوله له فيمتنع في المرات المقبلة عن لمسه لأنه صنع قناعته بنفسه وهكذا...

إذن فالخلاصة أن على الآباء ترك الأبناء يأخذون حريتهم ويشبعون رغباتهم دون إجبار لكن يحرصون على زرع القيم الفاضلة فليس دور الآباء هو المنع والإجبار إنما إعطاؤه حريته ومتابعته بالنصح والإرشادثم تركه يفكر ويجرب حتى يهتدي للصواب بشكل سليم...

 في النهاية لا يفوتني أن أقدم لكل أم كانت على خطأ في التعامل مع طفلها العنيد نصائح ينصح بها علماء النفس لتدارك الامر قبل فوات الأوان.. فإن كنت أيتها الأم الحنون تواجهين عناد طفلك هذا السلوك الطبيعي في حياة الإنسان بالضرب أو بالقهر أو بالمنع والإجبار أو بالصراخ والعناد، فتوقفي عن ذلك كله والتزمي بهذه النصائح:

1- الإعتراف للابن بالفشل في اتخاذ الطريقة السليمة للتعامل معه مع تقديم الاعتذار عليها، ثم الاتفاق على البدء بمرحلة جديدة مبنية على الحوار في كل الأمور وكل القضايا العامة..

2- مدح سلوكيات الطفل الإيجابية فلكل  طفل إيجابيات يجب أن نبحث عنها بالمجهر ثم نمدحها علنا 

3- مدح شكله الخارجي ( ابتسامته، عيونه، شعره، أناقته..) فهذا يعزز الثقة في نفس الطفل

4- مدحه والافتخار به أمام الآخرين، أقدمه بشكل مميز أمام الآخرين ( كأن نقول مثلا هذا هو طفلي النشيط، المؤدب، الذكي، العاقل،...) حتى أرفع من معنوياته بشكل كبير

5- أتفقده قبل النوم، أجلس معه من دقيقة إلى ثلاث دقائق ( حوار بسيط، قراءة قصة قصيرة، الامساك بيديه..) فهذا يعطيه الأمان وبالتالي النوم الهادئ

هذا كله يولد للطفل ضميرا يجعله يراجع نفسه ويستحضر تعامل والديه الطيب معه الأمر الذي يكسبه قيمة سلوكية هي الحياء فيمنعه هذا الأخير من القيام بما يغضب والديه الحنونين بعدما تصير قناعة ذاتية توصل إليها بنفسه عن طيب خاطر.




مهلاً! قبل أن تذهبي...

اشتركي في قائمتنا البريدية لمزيد من المعلومات حول ما نحب.
لقد تم إضافة بريدك الإلكتروني إلى قائمة النشرة الإخبارية لدينا.

مقالات ذات صلة